قوبل قرار ترامب بترحيب كبير من عدد من المسؤولين الإسرائيليين (أ ف ب)
الأخبار
السبت 8 شباط 2025
بمباركة إسرائيلية، أصدر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمراً تنفيذياً بفرض عقوبات على «المحكمة الجنائية الدولية»، بتهمة «استهداف الأخيرة لواشنطن وحليفتها إسرائيل». وممّا ورد في القرار التنفيذي، الذي جاء بعد أيام من لقاء ترامب ببنيامين نتنياهو في واشنطن، أنّ «الإجراءات الأخيرة للمحكمة ضد إسرائيل والولايات المتحدة شكّلت سابقة خطيرة، إذ عرّضت بشكل مباشر الأفراد الحاليين والسابقين في الولايات المتحدة، بمن فيهم أفراد الخدمة الفعلية في القوات المسلحة، للخطر من خلال جعلهم عرضة للمضايقات وسوء المعاملة والاعتقال المحتمل».
وبناءً على تلك الذرائع، ستفرض واشنطن، بحسب ترامب، عقوبات «ملموسة وخطيرة» على المسؤولين عن «التجاوزات» التي ارتكبتها «الجنائية الدولية»، قد يشمل بعضها تجميد الممتلكات والأصول، وتعليق دخول مسؤولي المحكمة وموظفيها ووكلائها إلى الولايات المتحدة، جنباً إلى جنب أفراد أسرهم، باعتبار أنّ «دخولهم إلى أمّتنا سيضرّ بمصالح الولايات المتحدة». ووصف ترامب الإجراءات التي اتخذتها المحكمة ضد مسؤولين إسرائيليين بـ«السلوك الخبيث الذي يهدد بانتهاك السيادة الأميركية وتقويض الأمن القومي والسياسة الخارجية للبلاد»، مؤكداً معارضة بلاده لأيّ إجراءات تستهدف إسرائيل، أو أيّ حليف للولايات المتحدة «ليس عضواً في المحكمة». ومرة جديدة، أعلن ترامب «حالة الطوارئ الوطنية» للتعامل مع «التهديد الذي تمثله جهود (الجنائية الدولية)».
انصبّت مخاوف كييف من قرار ترامب على نقطة مختلفة كلياً
وفي إسرائيل، قوبل قرار ترامب بترحيب كبير من عدد من المسؤولين، وعلى رأسهم نتنياهو، الذي شكر الرئيس الأميركي على «الأمر التنفيذي الجريء الذي أصدره»، على حدّ تعبيره، معتبراً أن الأخير سيدافع عن واشنطن وإسرائيل ضدّ المحكمة «الفاسدة والمعادية للسامية»، ولا سيما أنّ «الجنائية الدولية» لا تمتلك، طبقاً لرئيس وزراء الاحتلال، «أيّ سلطة قضائية أو أيّ أساس لشنّ حرب قانونية ضدنا». بدوره، أشاد وزير خارجية العدو، جدعون ساعر، بخطوة ترامب الأخيرة، زاعماً أنّ تصرفات المحكمة «غير أخلاقية ولا تلتزم بالقانون الدولي».
على أنّ قرار ترامب أثار موجة انتقادات واسعة من المحكمة وحلفاء واشنطن على حدّ سواء؛ إذ دانت الأولى الأمر التنفيذي الأميركي، داعية أعضاءها والمجتمع المدني ودول العالم إلى «التوحد من أجل العدالة وحقوق الإنسان الأساسية»، فيما ندّدت رئيستها، توموكو أكانيه، بالقرار، باعتبار أنه يضر باستقلالية المحكمة ويحرم ملايين الضحايا من العدالة، مدرجة إياه في إطار الهجمات المتصاعدة الهادفة إلى تقويض مهام «الجنائية الدولية» وتسييس عملها. كذلك، اعتبر المستشار الألماني، أولاف شولتس، أنّ العقوبات هي «أداة خاطئة»، وتهدد «مؤسسة يفترض أن تضمن عدم قدرة المستبدين على اضطهاد الشعوب وبدء الحروب». كذلك، طالبت «الأمم المتحدة»، الولايات المتحدة، بالتخلي عن فرض العقوبات، فيما أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أنّ «الجنائية الدولية» تضمن المساءلة عن الجرائم «وتستمع إلى أصوات الضحايا في العالم كله»، مشددة على أنّ المحكمة يجب أن تكون قادرة على «مواصلة الكفاح بحرية ضد الإفلات من العقاب»، وأنّ «أوروبا ستقف دائماً إلى جانب العدالة واحترام القانون الدولي». وبدورها، أعربت الخارجية الهولندية عن أسفها للأمر التنفيذي، مشيرةً إلى أنّ عمل المحكمة «ضروري في مكافحة الإفلات من العقاب».
ولم تقتصر ردود الفعل على ما تقدم، إذ أبدت 79 دولة، في بيان، دعمها للمحكمة بعد العقوبات الأميركية، محذّرة من أنّ الإجراءات المشار إليها تزيد من خطر الإفلات من العقاب وتضعف القانون الدولي. وجاء في البيان، كذلك، أنّ الدول المعنية ملتزمة بـ«استمرار عمل المحكمة»، وأنّ عقوبات واشنطن قد تعرّض للخطر سلامة الضحايا والشهود ومسؤولي «الجنائية الدولية». أمّا مخاوف أوكرانيا، فانصبّت على نقطة مختلفة كلياً، بعدما عبّرت عن أملها في ألّا تعرقل «العقوبات الأميركية على (الجنائية الدولية) فرض عقوبات بسبب الجرائم الروسية»، على حدّ تعبيرها.
والجدير ذكره، أنّ ما اعتبره ترامب «تهديداً لأمن الولايات المتحدة القومي»، يتمثّل في إصدار «الجنائية الدولية»، في تشرين الثاني الماضي، مذكرات اعتقال بحق كل من نتنياهو ووزير دفاعه آنذاك يوآف غالانت، بتهمة ارتكابهما جرائم حرب خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وعلى الرغم من أنّ الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، وصف قرار المحكمة بـ«الشائن»، إلا أنّه تمنّع عن فرض عقوبات عليها حتى نهاية ولايته.